منتدى العلم الرباني

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى روحاني شامل بكل العلوم الروحانية


2 مشترك

    البُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ الِله

    avatar
    ابو الخليل
    Admin


    المساهمات : 541
    تاريخ التسجيل : 04/12/2010
    العمر : 69
    الموقع : مدير المنتدى

    البُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ الِله Empty البُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ الِله

    مُساهمة  ابو الخليل الإثنين يناير 03, 2011 10:20 am

    البُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ الِله


    لا شَكَّ أَنَّ البُكَاءَ حَالةٌ تَدُل على الإنكسار مِن شَئ يَدعُو إلى البُكَاء والى الحُزن فَيَكُون هذا مخالفاً لِحَالة الفَرَحِ وَالسُّرُورِ فَلِمَاذا يرفع الإنسان رأسه عالياً ويدعي بأنه شامخ ولا أحد يجاريه أو يقدر على ما يصنع ؟
    قال تعالى :ـ ولا تمشِ فـي الأرضِ مَرَحَاً إنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الجِبَالَ طُوُلاً[سُوْرَةُ الإسراء : 37 ]
    فمن بابٍ أولى على الإنسان أن يذل نفسه لله عز وجل ويتواضع مع جميع الخلق ويتخذ العبر والعضات في هذه الحياة الزائلة ويعلم أن غضب الله تعالى عظيم ، هكذا كان رجال الله تعالى يبكون ويتذللون .
    قال القرطبي :ـ هذه حالة العارفين بالله الخائفين من سطوته وعقوبته حال الصحابة (( رَضِيَ اللهُ عَنْهُم ) في المعرفة بالله والخوف منه والتعظيم لجلاله كان حالهم عند المواعظ الفهم عن الله والبكاء خوفا من الله ولذلك وصف الله أحوال أهل المعرفة عند سماع ذكره وتلاوة كتابه : وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمعِ لِمَا عَرَفُوا مِنَ الحَقّ[سُوْرَةُ البقرة :83 ]
    ( فهذا وصفُ حَالِهِم وَحِكَايَةُ مَقَالِهِم وَمَنْ لَمْ يَكُن كَذَلِكَ فَلَيْسَ عَلى هَدْيِهِم وَلا عَلَى طَرِيقَتِهِمْ فَمَنْ كَانَ مُسْتَنَّا فَلِيَسْتَنَّ وَمَنْ تَعَاطَى أَحْوَالَ المَجَانِينْ وَالجُنُونْ فَهُوَ مِنْ أَخسِّهم حالا والجُنُونُ فُنُونْ ) (1) .
    روى مسلم عن أنس بن مالك أن الناس سألوا النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ) حتى أَحَفُّوهُ فِي المَسْأَلَة فَخَرَجَ ذَاتَ يَومٍ فَصَعِدَ المِنْبَرَ فَقَالَ سَلُونِي لا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيءٍ إِلا بَيَّنْتُهُ لَكُم مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذا فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ القَومُ أرمُوا وَرُهِبُوا أَنْ يَكُونُوا بَيْنَ يَدي أَمرٍ قَد حَضَرَ قَالَ أَنَسُ فَجَعَلتُ أَلتَفِتُ يَمينَاُ وَشِمَالا فَإذَا كُلُّ إِنسَانٍ لافِتٍ رَأسَهُ فِي ثَوبِهِ يَبْكِي ) (2) .
    وذكر الحديث الإمام الترمذي وصححه عن العرباض بن سارية قال وعظنا رسول الله ( صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ) مـوعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب الحديث (3) .
    ومن الناس من كان لا يضحك اهتماما بنفسه وفساد حاله في اعتقاده من شدة الخوف وإن كان عبدا صالحا والرسول عليه الصلاة والسلام يقول :ـ والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعْلَم لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلبكيتم كثيراً وما تَلذَّذّتُم بِالنِِّّسَاءِ عَلََى الفُرُشَات وَلَخَرَجْتُمْ إِلى الصُّعَدَات تَجْأَرُون إِلَى اللهِ ، فَقَالَ أَبُو ذَرْ : وَاللهِ لَوَددتُّ أَنّي شَجَرَة تَعضُدْ (4)
    أما أهل الله من الصالحين والمتقين العابدين فإنهم يَعْلَمُونَ أنَّ كُلَّ شَئٍ بِمِقْدَار .
    فالحسنُ البَصْرِيُّ : ( كانَ مِمَّن قَد غَلَبَ عَلَيهِ الحُزْنُ فَكَانَ لا يَضحَكُ وَكَانَ إبنُ سِيرِينُ يَضْحَكُ وَيَحْتَجّ عَلَى الحَسَنِ وَيَقُولُ : اللهُ أضحكَ وأبكى وكَانَ الصحابةُ يضحَكُونَ إلا أنَّ الإكثار مِِنْهُ وَمُلازَمَتُهُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلى صَاحِبِهِ مذمومٌ مَنهيٌّ عَنْهُ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ السُّفَهَاءِ وَالبطالةِ وفي الخَبَرِ أَنَّ كَثْرَتَهُ تُميتُ القَلبَ وَأَمَّا البُكَاءُ مِنْ خَوفِ اللهِ وَعَذَابِهِ وَشِدَّةِ عِقَابِهِ فَمَحْمُودٌ ) (5) .
    ومِـن باب الحَث على البُكَاءِ فِـي الدِّين قال عليه الصلاة والسلام :ـ لا تَبْكُوا عَلَى الدِّينِ إِذَا وَلِِيَهُ أَهلُهُ وَلَكِنْ إِبْكُو عَلَيْه (6) .
    فالبكاء في الحياة الدنيا وكثرة الحزن فيها خير من الإغترار بمفاوزها وقد ورد في الحديث الشريف أنَّ أهل النار يبكون كما قَالَ رَسُوْلُ اللهِ ( صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّم ) :ـ ثم إن أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت وأنهم ليبكون الدم يعني مكان الدمع (7) .
    إن من عصى الله سبحانه وتعالى فـي شيء فقد اجتمع على قلبه الذنب حتى صار قلباً قاسياً كالحجارة أو أشد قسوة وأبعد القلوب مـن الله القلب القاسي أما أهل الإيمان فهم أهل الله وخاصته الذين ما تركوا لله طاعة إلا شمروا عن ساعد الجد لأدائها وما علموا بشيء فيه رضا لله سبحانهُ وتعالى إلا فعلوه راغبين راهبين فأورثهم الله نـور الإيمان فـي قلوبهم فصارت قلوبهم لينه مـن ذكره تعالى وإنقادت جوارحهم للخشوع فما تكاد تخلوا بالله فاضت أعينهم من الدمع من كمال خشيته وكانت تلك الدموعُ أكبر حائلٍ يحولُ بين صاحبَِها وَبَيْنَ النَّار .
    ولقد أثنى الله في كتابهِ الكَريم فِي أَكْثَرِ مِنْ موضع على البكائين من خشيته تعالى فقال جل شأنه : وَقُرْءَانَاً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكُثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً ، قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوُتُوا العِلْمَ مِـنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِم يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدَاً وَيَقُولُون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا[ سورة الإسراء : 106 ـ 109 ] .
    avatar
    علي


    المساهمات : 80
    تاريخ التسجيل : 14/12/2010

    البُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ الِله Empty رد: البُكَاءُ مِنْ خَشْيَةِ الِله

    مُساهمة  علي الثلاثاء يوليو 12, 2011 3:03 am

    احسنت بما قدمتم من اعمال تواصلكم رائع و جيد

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 7:18 pm