أبواب الجنــة
*************
عندما يفزع الناس يوم القيامة يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه!
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: فأنطلق، فآتي تحت العرش، فأخر ساجدا لربي، ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يُقال: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: يا رب أمتي، يا رب أمتي، يا رب أمتي، فيقول: يا محمد، أَدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده، ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، وكما بين مكة وبصرى. وإن للجنة لثمانية أبواب، ما منهما بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما، ومنها باب تدخل منه أمة محمد صلى الله عليه وسلم، عرضه مسيرة الراكب المجود ثلاثا، ثم إنهم ليضغطون عليه حتى تكاد مناكبهم تزول.
وهي موزعة: فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، وقد يدعى المؤمن من هذه الأبواب كلها. وعزةِ الله وجلاله، لو كان العبد المؤمن في الدنيا أقطع اليدين والرجلين، وسُحِبَ على وجهه منذ يوم خلقه الله إلى يوم القيامة، ووقف على أحد هذه الأبواب، لكان كأنه ما رأى بؤسا قط.
ولما كانت الجنات درجات، بعضها فوق بعض، كانت أبوابها كذلك، وباب الجنة العالية فوق باب الجنة التي تحتها، وكلما علت الجنة اتسعت، فعاليها أوسع مما دونه، وسعة الباب بحسب سعة الجنة، فمنها ما بين مصراعيه مسيرة أربعين عاما، ومنها ما بين مصراعيه مسيرة سبعين عاما، ومنها ما بين مصراعيه كما بين مكة وهجر، ومنها ما بين مصراعيه كما بين مكة وبصرى، ومنها ما عرضه مسيرة الراكب المجود ثلاثا. يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، تتكلم وتُكَلَّم، وتَفهم ما يقال لها، انفتحي انغلقي.